«بلد الصناديق»..
سر انقلاب البرلمان على الحكومة بسبب 7 آلاف صندوق دون رقابة
شهدت الأيام القليلة الماضية، إنشاء عدد من الصناديق والحسابات الخاصة، التي أثارت غضب بعض أعضاء مجلس النواب ضد الحكومة، كصندوق الأسرة المصرية، وصندوق قناة السويس.
وتخطى عدد الصناديق والحسابات الخاصة في مصر حاجز الـ7 آلاف صندوق، وفقًا لبرلمانيين.
وبحسب تصريحات سابقة لوزير المالية، فإنه تم الانتهاء من حصر الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص على مستوى الدولة، لافتًا إلى أنه سيتم بدء تقنين أوضاعها اعتبارًا من يناير الجارى، ووضع لوائح موحدة للأنشطة المتشابهة، لضمان الجودة والإدارة الرشيدة للمال العام.
أنواع الصناديق
وتنقسم الصناديق إلى صناديق وحسابات خاصة لها كيانات مستقلة ومن أمثلتها صندوق تمويل المتاحف العسكرية وصندوق تمويل التنمية الثقافية وصندوق السجل العيني وصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية وصندوق أبنية دور المحاكم والأحوال المدنية.
كما يوجد صناديق وحسابات خاصة مستقلة داخل الجهات الإدارية، ومنها صناديق الخدمات والتنمية المحلية واستصلاح الأراضي والحسابات الخاصة الممولة من حصيلة الرسوم والأنشطة الطلابية التي تٌمارس بالمدارس وحسابات تحسين الخدمة الصحية والعلاج بأجر.
كما يوجد 5 أنواع أخرى وهي الصناديق والحسابات الخاصة الصادرة بموجب قوانين مثل حساب النظافة وحساب صندوق عمارة المساجد الأضرحة، أما النوع الثاني، الصادرة بموجب قرارات جمهورية مثل حساب حصيلة الزيادة في أسعار البنزين التابع للأمانة العامة للتنمية المحلية بوزارة التنمية المحلية، والنوع الثالث يتمثل في الصناديق والحسابات الخاصة الصادرة بموجب قرارات لرئيس مجلس الوزراء مثل حساب ورش الصيانة والإصلاح بالمدن والقري، والنوع الرابع، وهي الصادرة بموجب قرارات وزارية مثل حساب التأمين علي الطلبة ضد الحوادث، والخامس هي الصناديق والحسابات الصادرة بموجب قرارات المحافظين.
ويوجد الصناديق والحسابات الخاصة الصادرة بموجب اتفاقيات دوليّة مثل حساب المقابل المحلي للمجموعة الأوروبية وحساب الاستيراد السلعي الأمريكي.
فيما يعتبر الصندوق السيادي، هو صندوق استثماري مملوك للدولة، ويضم أصولًا حكومية مستمدة من فائض الاحتياطيات التي تملكها الدولة، وتعود بالنفع على اقتصادها ومواطنيها.
وبالرغم من اقتناع الحكومة بأهمية الصناديق والحسابات الخاصة في تسهيل إنشاء المشروعات وجذب الاستثمارات، إلا أنها تواجه اعتراض واسع من أعضاء البرلمان ولا سيما مع عدم إخضاعها إلى رقابة مجلس النواب.
مميزات للحكومة وليس للمواطن
وفي هذا السياق، رفض النائب فريد البياضى، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إنشاء صناديق جديدة في مصر.
وقال في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إن إنشاء صناديق يضعف الموازنة العامة للدولة ويزيد عجزها؛ لأنها تقوم باستقطاع جزء منها، لافتًا إلى أن الموازنة العامة في الأساس ضعيفة.
وأضاف «البياضي»، أن الصناديق أيضًا لا تخضع لرقابة البرلمان، وهو ما يفتح مجالا للفساد، ولا سيما أن البرلمان هو الجهة المنوطة من الشعب للرقابة الحكومة والموازنة.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الصناديق تعطي صلاحيات للحكومة في صرف أموال من الموازنة لبنود قد تكون ليس لها أولوية لدى الشعب.
وأوضح أن الصناديق تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، ولكن دوره يقتصر على الناحية الحسابية، حيت يتأكد من عدم وجود سرقة أو اختلاس ولكن لا يراقب من ناحية أولويات الصرف.
وعن مزايا الصناديق، أكد النائب أنها لا يوجد لها أي مميزات، ولكن الحكومة تتدعي أن الصناديق تعطي مرونة في صرف الأموال اللازمة لدعم المشروعات دون انتظار موافقة مجلس النواب، هو ما يعطي مميزات للحكومة وليس للمواطن.
ولفت إلى أنه يجب من البداية وضع جميع المشروعات الخاصة بالحكومة داخل الموازنة العامة للدولة، ويتم مناقشتها بالجلسة العامة في البرلمان، وليس خارج رقابة البرلمان من خلال الصناديق.
الحل في التشريعات القانونية
واتفق معه في الرأي النائب ضياء الدين داود، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعات بمجلس النواب، حيث قال: «ضد سياسة التمويل من خلال الصناديق».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه لا يوجد أي سبب لاستخدام الصناديق كوسيلة في تمويل المشروعات، حيث إنها لم تثبت أي نجاح خلال السنوات الماضية.
وأشار «داود»، إلى أن الصناديق المصرية لا تخضع للرقابة، ولا يقاس عليها الصناديق الإقليمية التى تديرها دول بترودولارية، لافتًا إلى أن هذه الصناديق ليس لها أي مميزات.
وأوضح عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعات بمجلس النواب، أن الصناديق تزيد أعباء الموازنة العامة للدولة ولا تخضع لرقابة البرلمان.
وعن حلول بديلة لإنشاء الصناديق، قال إن هناك قوانين تسمح بالتمويل الذاتي من الموارد، مثل قانون قناة السويس، بالإضافة إلى أنه يسمح بالاتفاق مع وزارة المالية بتوفير أموال في حالة التعثر، كما يتم التعامل مع الخزانة لضخ مبالغ مالية لتنمية الاستثمارات.
وطالب النائب، بتطوير البنية التشريعية بما يسمح بمزيد من المرونة لإدارة استثمارتها، بدلًا من إنشاء صناديق خاص بمجلس إدارة يقترض للمشروعات والتحكم في أصول، مشددًا على ضرورة ضم الصناديق للموازنة العامة للدولة.
دون جدوي
ولم يختلف رأي النائب أحمد فرغلي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب كثيرًا، حيث قال إنه خلال السنوات الماضية يتم إنشاء صناديق خاصة للتحكم في أصول الدولة ولكن دون جدوى.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه تم إنشاء الصندوق السيادي منذ 5 سنوات ولم يضف أي جديد على أرض الواقع حتى الآن.